Top Ad unit 728 × 90

قصة جريح في سرايا السلام اصيب اثناء تحرير الثرثار








كُلّنا أبو مُقتدى:
ــــــــــــــــــــــ
في مقبرة شهداء #سرايا_السلام التقيته، شابٌّ بعُمر الورد، ورغم حداثة سِنّه إلا إن كلماته كانت تنمُّ عن وعيٍ كبير، وإيمانٍ راسخٍ، وهمّة تهد الجبال الرواسي، إنّه جاسم الكعبي أبو مقتدى.
كُنا نقف في المقبرة بانتظار دفن الشهداء يوم 8/ 3/ 2018 ورُغم أجواء الحُزن التي خيّمت على المكان، وأنين أمّهات الشُهداء وعائلاتهم يخترق آذان الحاضرين ليُسافر عميقاً في القلب فيُهيّجه ليتدفق الدم هارباً من وحشة الحُزن فيُترجم ذلك الوجه بحُمرته، والعينان بدموعهما.
في تلك الأجواء ودموع الرجال تنسكب كقطرات تتسرب من إناء فخاري مُكابرين رجولتهم التي تأبى الدمع.
ولكن أي رجولة هذه التي نخشى أن تخدشها دموع الحُزن ونحن ندسُّ رجالَ الصدر وأبناءه في حُفر الموت..؟
نعم.. في وسط ذلك المشهد العاشورائي الذي اعتدناه مُنذ نعومة أظفارنا، ونحن نودع رجال الله الشهداء من علمائنا إلى أبنائهم وأنصارهم، ومن وسط عتمة الليل خرج أمامي كملاك طاهر، وأنا اتحدّث لسيدٍ من ذوي الشهداء عن الكرامة التي حباهم الله بها، سمعتُ كلمات أبي مقتدى: 
(شيخنه هاي الوادم فقره واتشوّر، ماتت على حُب الصدر).
قلتُ له: هل جئت مع الشهداء..؟
أبو مقتدى: لا شيخنا فأنا من جرحى سرايا السلام، وقد جئت من #ناحية_الشاميّة لأحظر مراسيم دفن الشهداء.
بعد الدفن توجهنا إلى مقبرة شهداء #جيش_الإمام_المهدي وكانت أم الشهيد صادق الصدري التي حدّثتكم عنها سابقاً تسير أمامنا، فراح أبو مقتدى يُحدثنا عن قصّته، فقال:
كان عُمري لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً حينما اعتقلوني بأمر الشيخ حسين البديري رئيس لجنة الأمن في #مجلس_محافظة_الديوانيّة سابقاً، وما أن أدخلوني على البديري حتى قال: (ها جابوك ابن الـ..).
آسف شيخنا فالكلمة نابية فقد وصف أمّي بالبغيّة، فقُلتُ له ـ والكلام لازال لأبي مقتدى ـ (لو چانت أمّي مثل ما وصفتها چا ما جبتني)
وهنا غضب اللعين وصرخ بوجهي: (بسطال الأمريكي أشرف منكم)..!!
ما شاء الله الشيخ حسين البديري مُتفقّه جداً ـ كيف لا يكون كذلك وهو عضو عن كتلة بدر الآن ـ فهو يرى أن حذاء الأمريكي أشرف من مسلم شيعي رفع سلاحه وقاوم المُحتل..!!
أما أخي ـ يا شيخنا ـ فقد كان يعمل في #المنطقة_الخضراء في حماية الشيخ خالد العطيّة وقد طرده من موقعه بمُجرّد أن علم أن له أخ صدري: (إنته أخوك من جماعة مقتدى..؟!)
في العام 2014 ومع إعلان سماحة #السيد_مُقتدى_الصدر عن تشكيل سرايا السلام تطوّعت في صفوفهم وكُلف تشكيلنا بعمليّة تحرير #جرف_الصخر فذهبت أنا وبعض أصدقائي ـ أحدهم مُحامي ـ كُنا قد اشترينا أسلحتنا لكن لم يكن لدينا عتاد نُقاتل به، ولم يعد لدينا من المال ما نشتري به العتاد، فمُنعنا من الصعود إلى قاطع العمليات ورحنا نتوسّل حدَّ البُكاء، ووافقوا على صعودنا.
بعد تحرير الجُرف توجهنا إلى النّخيب ومن ثم إلى #سامراء ـ بحسب حاجة القيادة إلينا ـ وعندما أرسلونا إلى خط اللاين لم يكن لدي رصاصة واحدة، وفي الإجازة الدوريّة لم أحصل على عمل لأشتري بأجره حاجتي من العتاد، فنزعت أم مقتدى ـ زوجتي ـ ثلاثة قطع من ذهبها لأشتري به أربعة مائة رصاصة..!!
في معركة جزيرة سامراء انقلبت السيّارة بنا وأصبت في رُكبتي إلا إنني لم أخبر جماعتي فقد كُنّا في بداية المعركة  وخشيت أن أحرم ثواب الجهاد، والمشاركة في النصر، وما أن وصلنا إلى الهدف المُحدد لنا وحررناه جلست على الساتر هناك ولم أستطع القيام من مكاني، وتبيّن أن إصابتي بالغة، فنقلوني إلى المستشفى، وأجريت لي عملية لتمزّق الأربطة، وأنا الآن بحاجة إلى عمليّة أخرى لغضروف الرُكبة فهو مُهشّم.
يا شيخنا أنا أشعر بالخجل من السيد مقتدى لتخلّفي عن الجهاد، ولكن يشهد الله أنني لا أستطيع ثني رُكبتي وهذا ما منعني من الصعود، فأنا أريد العودة إلى صفوف أخواني المجاهدين لعل الله سبحانه يرزقني الشهادة..!!
وعن أم مقتدى يُحدثني: 
في أيام موجة  الهجرة إلى أوروبا أحببتُ أن اُجربها، فقلت لها: (راح أروح لأوروبا)
قالت: (تريد اتعوف السيد وتروح، إذا عفت السيد طلّگني وروح الله وياك)..!!
وإذا علمتم ان أبا مقتدى كان طفلاً حينما استشهد #السيد_الشهيد_محمد_الصدر (قدّس سرّه) فكيف هو حال زوجته التي تصغره سناً، ورُغم ذلك فهذين الشابّين المؤمنين يتعاونان فيما بينهما لنصرة ابن الصدر العزيز، فالزوجة تُصبّر زوجها على الجهاد وتنزع عنها ذهبها لتشتري له عتاداً به، وتُصبّر نفسها على جشب العيش وصعوبة الحياة مع الفقر والعوز، بينما يودّعها الزوج الشاب وأطفالهما وهو لا يدري هل سيعود إليهم حيّاً من المعركة.
هذا ما فعله الصدر وابنه العزيز في نفوس وقلوب أتباعهم، وأمّة تمتلك هذا القدر من التفاني والإخلاص والطاعة لمرجعيتها وقيادتها في سبيل الله سبحانه تستحق النصر العزيز، وهذا ما لا نشّك به، وكلنا ثقة بالله (تبارك وتعالى) أن ينصُرَ مَن نَصروه ولو كره المُشركون والمنافقون.
للطريفة عندما أضعنا أبا مُقتدى بين حشود المُعزّين في التشييع صحت عليه (أبو مقتدى) فالتفت إلي أكثر الشباب الموجودين، فتبسم أحد الشباب وقال: (شتصيح كلنه أبو مقتدى).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عبد الجليل النداوي
حُرر في زمن الفداء والعطاء الصدري بتاريخ 17/ 3/ 2018
قصة جريح في سرايا السلام اصيب اثناء تحرير الثرثار M30 on 1:30 ص 5

ليست هناك تعليقات:

شاهد الفيديوهات والاناشيد على قناتنا في اليوتيوب. شاهد الأن !
العراقي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.