Top Ad unit 728 × 90

حرارة الصدريين المرتفعة ..بقلم حسن قيس


حرارة الصدريين المرتفعة 
نشرت يوم أمس نصا أعلق فيه بعاطفة الألم على صورة لشهيد عراقي نشرت بعد إعدامه من قبل مسلحين ربما من داعش او من غيرها كما علق بذلك البعض. 
ما أثار اهتمامي في الردود التي جاءت على البوست هو شعوري بان الصدريين أقرب الى التماسك والتعاطف بينهم من بين كل القوى السياسية الاخرى، بغض النظر عن كل ما يقال عنهم من اوصاف سلبية . ما اثارني هي هذه الحماسة المتقدة التي تشبه تماما حماسة الصدريين أيام السيد محمد الصدر بل ربما أكثر بكثير. كيف لهم ان يتوارثوا هذه الحماسة جيلا لجيل؟ كيف لهم ان يكونوا بهذه الدرجة من الحرارة في السلوك والانتماء؟ لا أظن ان حزبا يشبه الصدريين من هذه الناحية اقرب من الحزب الشيوعي العراقي ابان الاربعينات والخمسينات والستينات. عنيفين بطريقة عراقية خالصة، وصلبين بشكل ملفت ولا يخلو سلوكهم من درجة من درجات التطرف في السلوك. هم " الصدريين والشيوعيين" الأقرب الى روح العراقيين من بقية الأحزاب من ناحية السلوك الذي لا يخلو من العنف والغضب. كلا الحزبين قدما نماذج صادقة من الاتباع وفي نفس الوقت نماذج بالغة السوء والانانية والذاتية المفرطة. كلاهما كانا عراقيين روحا وسلوكا. 
انقل هذا النص عن الصدريين من كتاب " تحت سماء الشيطان" ربما يضيء مناطق سلوكهم العراقي الخالص.
" شكل الصدريون في وضع المعارضة العراقية في ايران إضاءة بالغة الأهمية، فهم آخر المجموعات المعارضة الهاربة الى ايران، وآخر قوى الإسلام السياسي التي تشكلت في عهد صدام، كانوا أبناء مواجهة خاطفة ودموية مع النظام، فقد اختلفوا عن جميع فصائل المعارضة بانهم تشكلوا بطريقة وظروف تختلف عما جرى قبلهم، فأغلبهم شباب صغار السن، لا يحتفظون بأي علاقة أو تواصل مع القوى الشيعية المعارضة، وليس لديهم مؤسسات حزبية او مكاتب متخصصة، أو نظام داخلي، او تنظيم يوضح طريقة صنع القرار أو العمل ، أكثرهم كان جنوبيا أو من أصول جنوبية، خرجوا للتو من مذابح انتفاضة آذار 1991 التي أحرقت مدنهم وبيوتهم، ليجدوا انفسهم امام مرجعهم الصدر ليدفع بهم نحو حراك سياسي عاصف النهايات لكنه ماكر النشأة، فقد مهد الصدر لحركته بهدوء " أول الأمر" فلم يكشف عن نواياه بمواجهة النظام بل بالعكس ربما اتبع طريقة المداهنة معه. ولدت حركتهم بعد أن لمسوا اليأس من سقوط نظام صدام، فحمَلوا المعارضة الشيعية مسؤولية الانهيار الشيعي . لم يعرفوا راحة البال أو عيشة هانئة، كان الحصار الاقتصادي وما خلفه من جوع وفقر قد غطى روحهم بلونه القاتم وطعمه المر، كانوا أبناء فجائع لا أصحاب جدل سياسي هادئ، أبناء قمع مروع لا ذوي مشاريع تطبخ على نار هادئة، صحا الكثير منهم على ان كلمة " شروﮔـي " التي تطلق عليهم تحتقر صدقهم وطيبتهم ورغبتهم في العيش بسلام، شاهدوا صورتهم وهي تقترن لا بل تلتصق بصورة الضحية الساذج، أو الجندي الابله، أو الوسخ المنعدم الكرامة. " الشروﮔـي" لم تفقره السلطات وتهينه وتجرح كبريائه عن قصد وسابق إصرار حسب، بل حلت عليه لعنات أهل دينه ومذهبه ومدينته، " الشروﮔـي" ذبيح السلطة والأهل. والصدريين "الشراﮔوة " كانوا يعتقدون ان احتيالا واحتقارا تاريخيين مورسا بحقهم من قبل رجال دين وخاصة أولئك " المتنعمين " في النجف وكربلاء، ومن قبل أبناء مدن تعتقد انها متحضرة ومتمدنة، مثلما فقد "الشراﮔوة" الثقة " بالمًدن " فقدوا الثقة بالدين المتعالي الذي يمنحه رجاله " المتعالون" فأسسوا لهم مدرسة سياسية خاصة تختلف عن مدارس الإسلام السياسي الشيعي، مدرسة متفردة في صرامتها وعنفها وصخبها، مدرسة تستحضر ماضيهم المليء بجراح الاقربين والابعدين، كانوا مسحورين بلسان محمد الصدر غير الملحون بلكنة فارسية الذي يستخدم ال " ﭼا " في كلامه ولا يرطن بقاموس الفقه المعقد، المرجع الذي يوظف أبناء الجنوب في مكتبه ويجعل منهم أصدقاء مقربين، كانوا مشدودين لتواضعه، حيث يمشي في الشوارع ويتسوق من باعة الخضار، ولا يحبس نفسه بين جدران غرفته، ويرفض ان تقبل يده بل يصرب بعصاه من يفعل ذلك، يصلي بهم جماعة وجمعة ويخطب بهم من دون تعال، منبهرين بشجاعته وهو يتحدث بجرأة شديدة عن النظام وعن المراجع الاخرين. أخذوا قداسة كل المراجع وألقوها على سيدهم، واخذوا شجاعة كل المعارضة والبسوها إياها، " الشجاع المقدس " فتح لانصاره الأبواب الموصدة أمام نقد مراجع الدين، فاسقطوا هالة قدسيتهم، اهانوهم في أوقات كثيرة، نشروا عنهم ما كان محرما، اقتحموا اسوار الحوزة وهم يلبسون لباس الجند، وفي أول يوم لهم في المدينة المقدسة والمحطمة خاضوا معركتين الأولى، مع انقاض حوزة علمية هدها قمع النظام والثانية مع النظام نفسه ...... "
حرارة الصدريين المرتفعة ..بقلم حسن قيس M30 on 9:30 ص 5

ليست هناك تعليقات:

شاهد الفيديوهات والاناشيد على قناتنا في اليوتيوب. شاهد الأن !
العراقي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.