في ذكرى يوم الشهيد العراقي العراقيون يستذكرون اسراهم الذي قتلوهم الايرانيين

#أعدموهم_بدمٍ_بارد..!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لحيته الخفيفة وحاجباه لم يبقَ فيهما شعرة سوداء، وقد تركت معاول الأيّام على وجهه آثاراً هي أشبه بالندوب العميقة.

إنّه شيخ أفغاني طاعن في السِن، قصد مكتب #الشيخ_جواد_الخالصي (دام ظله) عندما كُنتُ مديراً للمكتب 2016 وكادت الدموع تقفز من عينيه، وهو يقول للشيخ:

يا شيخنا أخذوا منّي الكارت الأخضر وطردوني، وقالوا لي لا يحق لك البقاء في #إيران بعد الآن، مع أنّي أفنيت شبابي في خدمة "#الثورة_الإسلاميّة"، وشاركت في كل جبهات القتال أيام الحرب العراقية الإيرانية..!!

أخذ الشيخ الخالصي اسمه ووعده بأنه ما أن يذهب لإيران ـ وكان على وشك السفر ـ سيعرض مشكلته على بعض المسؤولين الإيرانيين.

مضى شهر على اللقاء إلا إن صورته ظلت عالقة بمُخيّلتي فبقدر إشفاقي على حاله وكِبر سنّه، كُنتُ بحاجة للحديث معه، ولسؤاله عن مُشاهداته أيّام تلك الحرب الملعونة التي أكلت الأخضر واليابس وخلّفت أحقاداً لازال الإيرانيّون يشحذون أسنتها ويُهيجون نيرانها عبر #راهيان_نور  ــ أي طرقات النور ــ حيث يجمعون آلاف الأطفال من المدارس الابتدائية كل يوم خميس ويتوجهون بهم من كل مدن إيران بحافلات إلى المناطق التي قُصفت أيام الحرب ـ في الأحواز ومدنها وقراها ـ وكأن إيران لم تقصف #البصرة و #العمارة و #الكوت ولم تُهجَّر عشرات الآلاف من العائلات بسب القصف، ولم تُرمل النساء وتُيتم الأطفال وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، فإذا كان صدام فيه كل عِبر الدُنيا، وعليه كل شتائم أهل الأرض فما بال حكومة #الولي_الفقيه تعارض نصّاً نبويّاً واضحاً: 

(لا تقطعوا شجرة ولا تهدموا داراً ولا تقتلوا امرأة أو طفلا..؟!)

وفي أحد الأيام جاء الشيخ الأفغاني بصُحبة شاب ـ أفغاني أيضاً ـ بدت عليه النعمة على خلاف الأفغان الفقراء، وظهر أنّه يعيش في السويد، وقد درس في الجامعة برمجيات الحاسبة، وهو في زيارة إلى العتبات المُقدسة، ولما سألته عن لغته العربية التي يُجيدها بشكل مُلفت أخبرني أنه درس في حوزة #السيد_محمد_حسين_فضل_الله (قدس سره) في #سوريا.

أما صاحبنا العجوز فراح يسأل عن الشيخ الخالصي وهل هناك خبر حول قضيّة إعادته إلى إيران وهنا أعاد نفس حديثه الذي تحدث به مع الشيخ الخالصي، فمازحته قائلاً: 

لقد كُنت تقتل بإخواني في الجبهات وها هم الذين قاتلت من أجلهم طردوك لتأتي إلى مَن قتلت أبنائهم وإخوانهم ليُنصفوك..؟

ضحك الشيخ وصاحبه وكل من كان في المكتب، فتوجهت له بالسؤال:

أقسم عليك بأمير المؤمنين (ع) ونحن بجواره الآن، هل شهدت عملية إعدام للأسرى العراقيين في الجبهة الإيرانيّة..؟

تنهّد الرجل وقال: يا شيخنا كانت أيام كُنا فيها معصوبي الأعين كأن الرحمة نُزعت من قلوبنا، حتى أننا كُنّا نتصوّر أننا نتقرب إلى الله زُلفى بارتكابنا لتلك الجرائم، ففي معارك شرق البصرة وقع بأيدينا أربعة مائة أسير كلهم سلّموا أنفسهم رغبة بالهرب من حكم #صدام وهم يحسبون أنهم سيكونون تحت حكم #الإسلام ورحمته.

جمعناهم في مكان واحد ثم جاء مجموعة بحدود عشرة كلهم من المُعممين من #الباسيج وفتحوا النار عليهم وهُم مقيدين إلى الخلف فقتلوهم بأجمعهم، ولما سألتهم عن السبب قالوا: (سربازان بعس) جنود البعث..!!

قلتُ له: وهل أنت نادم على ذلك..؟

قال: وما الفائدة من الندم الآن وقد حملنا أوزار أناس خُدعوا فسلموا أنفسهم إلى الجلادين وهم يحسبون أنهم سلموا أنفسهم إلى جنود الإسلام وحماته، وكُنا شهوداً على ظلمهم فلم نأمر بمعروف ولم ننه عن مُنكر، لأننا نعرف عاقبة مَن يعارضهم.

هذه قصّة من آلاف القصص والمآسي التي حدثت للأسرى العراقيين، على يد جنود "#الجمهوريّة_الإسلاميّة_الإيرانيّة" فإلى الله المشتكى وعليه المعوّل فهو حسبنا ونعم الوكيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عبد الجليل النداوي

حرر بتاريخ 3/ 12/ 2017