Top Ad unit 728 × 90

الصدر ميزان الحقيقة

#الصدر ميزان الحقيقة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الإسلام وما يزال هدف الرجال الرساليين، وهم في سبيل إعلاء رايته يندكون بأي مشروع يعمل على انتصارها ونشرها عزيزة في ربوع المعمورة، يتنازلون عن ذواتهم غير مبالين بمراتبهم العلمية ومقاماتهم الدينيّة والاجتماعيّة؛ لذلك نجد السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) اندكّ بحركة السيد الخميني (قدّس سرّه) وأيد ثورته إلى درجة أنّه ضحى بكل شيء من أجل دعم تلك الثورة، حتى إنّه (قدس سره) قال: ذوبوا في الإمام الخميني بقدر ما ذاب هو في الإسلام.
وعلى هذا نشأنا وتربّينا كجيل فتح عينية على الدُنيا وصوت السيد الشهيد محمد باقر الصدر يصك مسامعه بأحاديث الإسلام الثائر، ويقوده إلى ساحل العِزّة والكرامة ورفض كل أنواع الذُل والعبودية، وبهذا النفس الثائر المتمرّد على كل العادات والتقاليد السائدة القائلة (إمشي بصف الحايط) و (روح بدربك ورد بدربك) هاجرنا إلى إيران حاضنة الإسلام ـ كما كنّا نتوهم ـ بعد قمع الانتفاضة الشعبانيّة المباركة، ودافعنا عن الثورة وقيادتها بكل ما نملك من الطاقات، وكل بحسب ما يُحسن.
ومن باب الشيء بالشيء يُذكر كتبت وألقيت العديد من القصائد في الشعر الشعبي والقريض في مدح الثورة وقيادتها، منها ما نشره أحد المخبولين على صفحته، قاصداً بها التشهير بي طبعاً.
بل إن الكثير من شباب العراق ـ وفي أيام المعركة التي افتعلها النظام البعثي على الجارة إيران ـ هاجروا إلى هُناك أو سلّموا أنفسهم للقوات الإيرانيّة لينضموا إلى صفوف الحرس الثوري الإيراني ويُقاتلوا جيش بلدهم وهم يشعرون بالفخر، فلا قومية في الإسلام ولا حدود، وأينما كانت مصلحته نكون.
نعم.. لقد كُنّا مُحملين بالشحنات الثورية، نرى إيران قبلة الثائرين وقيادتها هي الممثل الشرعي الوحيد للإسلام في زمن كان الكُل يشدون حيازيمهم ويشحذون سيوفهم لحربه، وهي كانت كذلك حقاً في زمن السيد الخميني (قدس سرّه).
لكن.. وا أسفاه، وربما يتصور البعض ممن يُتابع ما أنشره أنني أكن مشاعر البغض للجمهورية الإسلاميّة وقيادتها، وهذا إجحاف ما بعده إجحاف، فلطالما خاطرنا حتى بأنفاسنا ـ في زمن الطاغية ـ من أجل توزيع منشور، أو كتابة قصيدة نحيي فيها الثورة وقيادتها، أو تحدثنا في المجالس بأحاديثها، وكل كلمة من أحاديث الثورة كانت كافية لإرسالنا إلى حبل المشنقة، فلقد استطاع السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بحق أن يغرس فينا حُب تلك الثورة المباركة وقائدها العظيم روح الله الموسوي الخميني (قدس سره)، وشيء صعب أن تجد نفسك بين ليلة وضحاها في صف يُبعدك عمّا تربيت عليه منذ نعومة أظفارك، حتى ينظر إليك البعض أنّك من مُناوئي الثورة الإسلاميّة..!!
نعم.. بلوعة أكتب حروف مقالي هذا وأنا أتذكر تلك الأيام الخوالي حيث كنت قابعاً في أحدى زنزانات منظومة استخبارات كربلاء ـ عام 1987م ـ معصوب العينين مُكبّل اليدين، والجلاوزة يُحيطون بي من كل جانب ليُلهبوا جسدي بعصيّهم وسياطهم التي تُبكي حتى الصخر، والضابط يقرأ عليّ بيت من قصيدة للشاعر الشهيد علي الرماحي (رحمه الله) أمسكوها في جيبي:
(إيران ومن أصدق من إيران أخبارا).
مضت السنين ونحن على ذلك كأنما كُنّا نيام، حتى جاءت الصفعة التي أيقظتنا من ذلك الحُلم، إنّها الإطلاعات الإيرانيّة تُغلق مكتب السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سرّه) بالشمع الأحمر، وهو إجراء لا تتبعه إلا في غلق بيوت الدعارة، أو مقرات منافقي خلق..!!
محمد الصدر ذلك المُقدّس الذي أحيا في نفوس شباب العراق قيم الإسلام، واستنهض فيهم روحة الثائرة لتمتلئ المساجد بهم، وليتحول شبابنا الذين كنّا نسميهم (بريكيّة) إلى مجاهدين يركضون خلف دبابات المُحتل الأمريكي، ويطؤون كرامة جيشها بأقدامهم الحافية، ذلك الحبر الجليل تنشر عنه صحيفة (كيهان) الرسمية أنّه (مرجع رﭼـيم بعس كافر) مرجع حزب البعث الكافر، وتُصفق للدجلة والمنافقين من قادة المعارضة العراقية وهم يتهمونه حتى بطهارة مولده..!!
وفجأة يأتينا النبأ المُفجع.. ففي يوم 4 ذي القعدة ـ وقبل ثمانية عشر عام من هذا اليوم ـ تنشر كل وكالات أنباء الدنيا خبر استشهاد السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سرّه) على يد عصابة من مخابرات النظام البعثي، لتنشر نفس الصحيفة  ـ كيهان ـ خطاب السيد الخامنئي الذي قال فيه: (لقد فُجع الشعب الإيراني باغتيال المرجع الديني الكبير السيد محمد الصدر)..!!
حقيقة هذا الأمر قلب كل الموازين عندي، ونسف كل تلك الصورة الجميلة التي كُنت أحملها عن إيران وقيادتها، وأثبت لي أن القوم يستخدمون الإسلام ويوظفونه ـ بكل مقدّساته ـ من أجل إيران، وليس العكس، فمرجع البعث الكافر قبل إسبوع تحول إلى شهيد الإسلام العظيم ومرجع الدين الكبير..!!
فأما أن يكون محمد الصدر هو الحق، وأما أن تكون إيران، وقد أثبتت المواقف أن الصدر هو الحق، فبالرغم من كل ما صدر من إيران وقيادتها من إساءات بحق الصدر، كان (قدس سره) يُحسن الظن بهم مرّة، ويغض الطرف أخرى رُغم وضوح العداء والاستهداف، كل ذلك (لأن المصلحة الإسلاميّة العليا) تتطلب منه أن يُنكر ذاته ويتنازل عن مصالحة، فالإسلام عند الصدر فوق كل شيء، وأما الآخرون فشعارهم إيران فوق كل شيء..!!
ورُغم أنّهم اكتشفوا حقيقة الصدر وأنّه كان من قادة الدين الصالحين، واكتشفوا زيف ودجل وكذب مناوئيه، رغم ذلك ما أن تدخل قوات الاحتلال الأمريكي إلى العراق حتى يقفون بالضد من ولده العزيز السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) وهو يقاتل وحيداً أعتى قوّة على وجه الأرض تحالفها الكثير من دول البغي والاستعمار الغربي، وبدلا من أن تقف إيران مع مقتدى الصدر، راحت لتقف خلف أولئك الذين كانوا يطلقون على قوات الاحتلال (القوات الصديقة)، وتقلل من شأن القائد الشاب بغضاً بأبيه. ومرّة أخرى يخيب الظن بها، ليُمسح كل ما تبقى في النفس والقلب من تلك الصورة الجميلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عبد الجليل النداوي
حرر بتاريخ 7/ 8/ 2016

الصدر ميزان الحقيقة M30 on 8:33 ص 5

ليست هناك تعليقات:

شاهد الفيديوهات والاناشيد على قناتنا في اليوتيوب. شاهد الأن !
العراقي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.